١- أ ب استثمار (مقدمة)
حينما تبدأ في التفكير للمرة الأولى في الاستثمار، قد تشعر بالحيرة تجاه جميع القرارات التي يتعين عليك اتخاذها. فعلى سبيل المثال، قد تسأل نفسك ما إذا كان الاستثمار فى العقارات أو فى البورصة هو الاختيار الأفضل بالنسبة لك، أو الاستثمار في الشركات الناشئة مثلا، أو ما إذا كان ينبغي أن تختار أداة استثمارية أخرى. وبخلاف محاولة التعرف على أنماط الاستثمار الأكثر ملاءمة لك، كيف يمكنك أن تختار بين مئات الاختيارات المتاحة ( أنواع عديدة من العقارات ، أو مئات من الأوراق المالية المقيدة فى البورصة على سبيل المثال، ومئات الشركات تبحث عن مستثمر وغيرها الكثير من الفرص التي قد تكون مناسبة لك).
وهناك بعض المبادئ الأساسية أو المراحل والأسس الأولية التي ينبغي الاعتماد عليها عند القيام بالاختيارات الهامة بصفتك مستثمر. ويمكن أن تؤدي معرفة هذه المبادئ الأساسية والمراحل الأولية – مثل المخاطرة والعائد، وقدرة الأصول التى تستثمر فيها أموالك على تحقيق إيرادات، وكيف يؤثر التضخم على المحفظة الاستثمارية الخاصة بك – وفهم كيفية تطبيق هذه المبادئ على أهدافك المالية وظروفك فى مساعدتك في اتخاذ قراراتك الاستثمارية الهامة.
٢- الادخار و الاستثمار
هناك فئة من الناس يلجأون للعمل في وظيفة إضافية بجانب عملهم الرئيسي سعيا وراء الحصول على دخل أفضل وأعلى يفي باحتياجاتهم أو الإدخار لمستقبلهم ومستقبل عائلاتهم كتعليم الأولاد أو شراء شقة أو سيارة أو حتى للزواج، بل أن الأمر يتعدى ذلك إلى سعيهم إلى استثمار ما يدخرونه من أموال.
وهناك فئة أخرى من الناس تصرف كل دخلها على نفقات المعيشة بل ويتعدى ذلك إلى استخدام بطاقات الائتمان في تغطية تلك النفقات ولا تسعى في الوقت ذاته إلى البحث عن وظيفة لتحسين الدخل وسداد المسؤليات المالية.
بلا شك أن الأفراد من الفئة الأولى يكونون دائما في وضع مالي أفضل من الفئة الثانية خاصة إذا ما بدأوا في الإدخار في سن مبكرة حيث يحصلون على عائد مالي أعلى مما قد يحصلون عليه إذا بدأوا الإدخار في سن متقدمة.
الفرق بين الادخار والاستثمار
يختلف الادخار عن الاستثمار رغم أن كلاهما يلعب دورا في حياتك. وبينما يرتبط كل منهم بالإحتفاظ بجزء من دخلك للمستقبل، غالبا ما يرتبط الادخار بإيداع الأموال بالبنوك – في حسابات الادخار أو الحسابات الجارية – بينما يرتبط الاستثمار بشراء الأسهم والسندات ووثائق صناديق الاستثمار وغيرها من الأصول الأخرى كالعقارات أو الاستثمار فى مشروع خاص بك أو مملوك لآخرين.
فحينما تدخر، فإنك تحتفظ بأموالك المدخرة للمستقبل. وحينما تستثمر، فإنك بذلك ترغب أن تنمو قيمة مدخراتك بمرور الوقت. وبينما يمكن أن يساعدك الاستثمار على تحقيق الأهداف طويلة الأجل الخاصة بك، يعد الادخار أداة للوفاء باحتياجاتك قصيرة الأجل وتوفير نفقاتك الطارئة.
السيولة النقدية
تعد السيولة النقدية أحد أوجه الاختلاف الرئيسية بين المدخرات والاستثمارات. فالمدخرات تمثل سيولة نقدية بمعنى أنه يمكنك الوصول إلى أموالك بدون تحقيق أية خسائر في القيمة في أي وقت تحتاج خلاله للمال. فإذا أودعت مدخراتك فى حساب ادخار بأحد البنوك وكان رصيد هذا الحساب مائة ألف دولار فإن هذا يعنى أنه يمكنك فى أى وقت سحب هذه الأموال دون أدنى مشكلة أو نقص فى هذا المبلغ.
ومع ذلك، لا يقصد بالاستثمار فرض قيود على وصولك لأموالك فى أي وقت. فإنك تحظى، في الواقع، بنفس السيولة النقدية أو القدرة على تحويل استثماراتك إلى نقدية عند الاستثمار في معظم الأسهم والسندات وصناديق الاستثمار، تماماً كما هو الحال مع الحساب البنكى. ويرجع ذلك إلى أنه إذا احتجت إلى المال، يمكنك دائما بيع هذه الاستثمارات من خلال شركة السمسرة التي تتعامل معها. وفي حالة صناديق الاستثمار، يمكنك في الأغلب بيعها مرة أخرى إلى الجهة المصدرة مباشرة وعادة ما تكون البنوك وكذلك اذا كنت قد استثمرت في شركة فيمكنك بيع حصتك او جزء منها لتحصل على سيولة نقدية.
والفرق هنا هو إحتمالية انخفاض قيمة الاستثمارات، سواء مقارنة بسعر سابق أو منذ قيامك بشرائها. وإذا قمت بالبيع أثناء انخفاض السعر، قد تخسر جزءا من الأصل.
٣- العائد والمخاطر
هناك مفهوم رئيسي لابد وأن يكون عالقاً في ذهنك طوال الوقت وهو ” كلما أردت ان تحقق أرباحاً أكثر من الاستثمار، كلما تعرضت لمخاطر استثمارية أكبر”، فأنت عندما تقوم ببيع أو شراء أسهم أو سندات أو أي أدوات مالية أخرى فإنك تكون معرض لمخاطر استثمارية ودرجة المخاطر هذه تختلف من أداة مالية لأخرى.
مثلاً فإن الأدوات المالية التي تتوقع منها ربحاً عالياً (مثل الأسهم النشطة) تحتوي على درجة كبيرة من المخاطر، و يعني ذلك أن سعر السهم قد يرتفع كثيراً (وهذا يعني تحقيق الربح بالنسبة لك) ولكن قد يحدث أن ينخفض السعر كثيراً (وهذه هي المخاطر التي قد تسبب انخفاض حجم أموالك واستثماراتك). أما الأدوات المالية التي تتوقع منها ربحاً او عائدا قليلاً فإنها تحتوي على درجة اقل من المخاطر.
والآن اسأل نفسك : ما هو الربح الذي تريد تحقيقه ودرجة المخاطر التي تقبل أن تواجهها عند الاستثمار؟!
عزيزي المستثمر، أنت الوحيد الذي يستطيع الإجابة على هذا السؤال.
(إذا كنت لا تستطيع أو لا ترغب تحمل مخاطر نقص أموالك المستثمرة فعليك الاستثمار في المشاريع الحكومية وصناديق الاستثمار والشركات التي تعمل في أدوات الدخل الثابت مع العلم بان معدل النمو في استثماراتك سيكون أقل في هذه الحالة).
العائد والعوامل التي تؤثر فيه:
يتأثر العائد الذى تحصل عليه عن استثمارك لأموالك بعدة عوامل أهمها: توقيت اتخاذك لقرارك الاستثماري : فأنت حينما تشترى أسهما في شركة آخذ سعرها فى الارتفاع ستحصل على ربح أعلى منه عند بيعها، وفي حالة شرائك لذات السهم فى توقيت آخر يشهد ثبات السعر أو انخفاضه، وكذلك اذا كنت من أوائل المستثمرين في الشركة او كنت أنت أحد المؤسسين فإن الربح الذي تحققه من بيعها أعلى بكثير مما لو كنت استثمرت في المراحل الأخيرة، لذا فتوقيت اتخاذ قرارك الاستثماري يعتبر أهم العوامل التى تؤثر فى العائد الذى تحصل عليه.
المخاطر المحتملة وأنواعها:
هناك العديد من المخاطر التجارية التي قد تتعرض لها أثناء استثمارك لاموالك فمثلاً عند استثمارك لأموالك فى شركة تكون عرضة لعدد من المخاطر، من اهمها:
المخاطر الاساسية: يتواجد هذا النوع من المخاطر في كل أنواع الاستثمار، وهي المخاطر المتعلقة بالشئون الداخلية بالشركة وكيفية إدارتها ومواجهة المنافسة، وأفضل طريقة لتقليل هذه المخاطر هي التنويع بمعنى الاستثمار في أكثر من شركة بدلاً من شركة واحدة “لا تضع البيض كله في سلة واحد”.
مخاطر السوق: يتعلق هذا النوع من المخاطر بمدى تأثير الظروف الاقتصادية على أداء الشركة مثل التضخم ، البطالة وغيرها من الظروف السياسية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال إذا أصدرت الدولة قراراً بوقف مشروعات المقاولات والإنشاءات فإن هذا يمثل خطراً على شركات إنتاج الاسمنت أو حديد التسليح.
مخاطر التضخم: قد يحدث تضخم في سوق ما من الأسواق مثل سوق العقارات. في هذه الحالة فإن المستثمرين يجدون أن معدل ارتفاع أسعار العقارات أعلى من معدل ارتفاع أسهمهم، وفي هذه الحالة يقوم المستثمرون ببيع أسهمهم وشراء العقارات ليستفيدوا من ارتفاع أسعارها. وهذا بدوره يؤدي إلى الانخفاض في أسعار الأسهم.
مخاطر السيولة: وهي تلك المخاطر التي ترتبط بعدم قدرة المستثمر على بيع أسهمه أو سنداته وتحويلها إلى سيولة نقدية في وقت احتياجك الى اموال نتيجة لعدم وجود طلب عليها.
المخاطر وتقلبات الاسعار
قد يتغير سعر استثماراتك، إلى حد كبير في بعض الأحيان، على مدار يوم أو شهر أو عام. وتختلف هذه الحركة المستمرة، المعروفة باسم تقلبات الأسعار، من استثمار إلى آخر، حيث تكون أسعار بعض الاستثمارات أكثر تقلبا من الاستثمارات الأخرى.
وتعد تقلبات الأسعار بمثابة أحد مخاطر الاستثمار على المدى القصير. ومع ذلك، فإذا تمكنت من انتظار انقضاء حالات الانخفاض فى الأسعار التي تمر بها الأسواق من حين لآخر، فمن الأرجح أن تستعيد محفظتك الاستثمارية المتنوعة قيمتها، وينتهي الأمر بتحقيق الربح الذى تأمله. وإذا نظرت إلى الصورة الأعم والأشمل، سوف تكتشف أن ما يبدو انخفاضا ملحوظاً في السعر على المدى القصير يتم تعويضه على المدى الطويل. وفي الواقع، فقد تزداد قيمة الاستثمارات على مدار عشر سنوات حيث أن أكثر الاستثمارات تقلبا هي الاستثمارات على المدى القصير.
أي نوع من المستثمرين أنت؟!
يتعامل كل فرد مع المخاطر بصورة مختلفة. ويرجع ذلك إلى قدرة البعض على تحمل المخاطر بصورة أكبر من الآخرين.
كلما كنت أصغر سنا، كلما كنت أكثر قدرة بصفة عامة على تحمل مخاطر الاستثمار، ويرجع السبب في ذلك إلى وجود وقت أمامك لانتظار استعادة الوضع السابق حينما يحدث تدهور في الأسواق. ولكن إذا ما تقاعدت أو أوشكت على التقاعد، قد تكون قد خططت أن تعتمد على العائد الناجم عن استثماراتك. ويزيد ذلك من احتمال رغبتك في تجنب مخاطر فقدان أصل رأس المال، حتى إذا ما عرضت نفسك بصورة أكبر لمخاطر التضخم.
ويلعب موقفك في الحياة دورا في حجم المخاطر التي ترغب في تحملها. فإذا كان لديك أطفال سوف يلتحقون بالجامعة خلال السنوات القليلة القادمة أو آباء مسنين يعتمدون عليك من الناحية المالية، قد تحتاج إلى تحقيق المزيد من الاستقرار والعائد الثابت لاستثماراتك حتى تتمكن من تغطية تلك النفقات.
وتلعب شخصيتك دوراً هاماً أيضا. حيث يتفق معظم الخبراء على أنه من غير المفيد أن تستثمر أموالك في مجالات استثمارية تصيبك بالعصبية بحيث لا تستطيع النوم أو تجعلك تقوم بالبيع وأنت مصاب بالذعر عند ظهور مؤشرات لأي تدهور. ومع ذلك، فإذا لم تكن تشعر بالارتياح، فإنهم يشجعونك أيضا على التعرف على المزيد من المعلومات حول العائد الذى يتحقق من مجالات الاستثمار طويلة الأجل لمساعدتك على تقبل حد مقبول من المخاطر.
وهناك ثلاثة أنواع من المستثمرين:
المستثمر المحافظ : وهو المستثمر الذي لا يرغب في تحمل مخاطرة كبيرة ويرضى بتحقيق مكاسب وأرباح قليلة.
المستثمر المخاطر : وهو المستثمر الذي يرغب في تحمل درجة كبيرة من المخاطر في سبيل تحقيق أرباح كبيرة.
المستثمر المعتدل : وهو المستثمر الذي يرغب في تحمل قدر متوسط من المخاطر في سبيل تحقيق قدر متوسط من الارباح والمكاسب.
ولكي تعلم أي نوع من المستثمرين أنت ، تستطيع أن تختبر نفسك اختباراً بسيطاً، فقط اجب على السؤال التالي:
تخيل انك وضعت أموالك في استثمار ذو عائد كبير ولكن تحيطه درجة عالية من مخاطر الاستثمار، هل تستطيع أن تسترخي وتنام نوماً عميقاً؟
• إذا كانت إجابتك “نعم”: إذن فأنت مستثمر مخاطر.
• إذا كانت إجابتك “لا” : فأنت مستثمر محافظ.
• إذا كانت الإجابة “إلى حد ما” : فأنت مستثمر معتدل.
٤- تنويع الاستثمارات
يقصد بتنويع الاستثمارات توزيع أموالك على عدد من قنوات الاستثمار بدلاً من استثمارها كلها في مجال او شركة واحدة عملاً بالمثل القائل “لا تضع البيض كله في سلة واحدة”، فأنت مثلاً إذا وضعت أموالك كلها في شركة واحدة وحدث ان خسرت هذه الشركة فإن هذا يعني أنك خسرت كل مالك.
وسياسة التنويع تعتمد على توزيع الاستثمارات على استثمارات عالية المخاطرة و أخرى منخفضة و أخرى متوسطة، مع الاحتفاظ ببعض المال مدخرا لحالات الطوارئ -لاقدر الله-.
وقد تسأل نفسك، ما هي فائدة التنويع؟
والإجابة على هذا التساؤل بسيطة للغاية تخيل انك تستثمر أموالك في عدد من الشركات المختلفة، وحدث ركود في سوق أحد الشركات في حين أنه في نفس الوقت الشركات الأخرى تحقق أرباحا معقولة فيكون نتيجة لذلك تعويضك عن خسارتك في استثمارك الأول.
وتأكد أنك إذا أجدت سياسة تنويع استثماراتك فإنك سوف تستطيع تقليل مقدار المخاطر التي تتعرض لها، وبالتالي تزيد احتمالات تعويض أية خسائر بالمكسب المحقق في استثمارات أخرى.
وبالرغم من النصح بتنويع استثماراتك فنحن أيضاً نحذرك من التنويع اكثر من اللازم لدرجة يصعب معها مراقبة أداء كل هذه الاستثمارات.